مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم خير خلق الله وعلى آله و صحبه أجميعن اما بعد:
مهما ذكرنا من صفات الجنة لن نوفيها حقها من الوصف حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين: ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر فاقرؤوا إن شئتم (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون) ولكن هنا آيات من كتاب الله وأحاديث من سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تبين لنا ولكم عظم نعيم الجنة اسأل الله أن يجعلني ويجعلكم ومن نحب من أهلها وممن قال الله تعالى فيهم (إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ)
صفة الجنة
قال تعالى (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا) والمنقطع ولو بعد ألوف السنين ليس بدائم وقال تعالى (مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ) وقال تعالى (لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) أي غير مقطوع.
بناؤها
لبنة من فضة ولبنة من ذهب، وملاطها المسك، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران، من يدخلها ينعم لا يبأس، ويخلد لا يموت، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه، وفي الجنة غرف (قصور) من الجواهر الشفافة يرى ظاهرها من باطنها وهى لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وبات قائما والناس نيام. وهى مئة درجة وأدناهم منزلة من كان له ملك مثل عشرة أمثال أغنى ملوك الدنيا, ومن صلى في اليوم اثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة وقال الله لها تكلمي فقالت: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) فقالت الملائكة: طوبى لك منزلة الملوك, ولا يخفى علينا أن تكملة آية سورة المؤمنون (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال يا محمد أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
أبوابها
للجنة ثمانية أبواب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من توضأ فأحسن الوضوء , ثم رفع بصره إلى السماء فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأن محمداً عبده ورسوله, فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها يشاء) ولهذه الأبواب أسماء ثبتت بنصوص شرعية، مثل: الصلاة والجهاد والصدقة والريان والأيمن وباب الكاظمين الغيظ، ومنها ما اختاره بعض العلماء لإشارات وإيماءات في النصوص مثل: باب التوبة أو الذكر أو العلم أو الراضين أو الحج وإن باب الجنة الواحد ما بين مصراعيه مسيرة أربعين عام.
درجاتها
فيها مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، وأعلاها الفردوس, ومنها تفجر أنهار الجنة، ومن فوقها عرش الرحمن.
أنهارها وعيونها
وللجنة أنهار وعيون تنبع كلها من الأنهار الأربعة الخارجة من الفردوس الأعلى وقد ورد ذكر أسماء بعضها في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة منها فيها نهر من عسل مصفى، ونهر من لبن، ونهر من خمر لذة للشاربين، ونهر من ماء، وفيها:
- نهر الكوثر
وهو نهر أعطى لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيالجنة ويشرب منه المسلمون في الموقف يوم القيامة شربة لا يظمأ ون من بعدهاأبدا بحمد الله وقد سميت إحدى سور القرآن باسمه ووصفه رسول الله صلى الله عليهوسلم بأن حافتاه من قباب اللؤلؤ المجوف وترابه المسك وحصباؤه اللؤلؤة وماؤه أشد بياضا من الثلج وأحلى من السكر وآنيته من الذهب والفضة. - نهر البيدخ
وهو نهر يغمس فيه الشهداء فيخرجون منه كالقمر ليلة البدر وقد ذهب عنهم ماوجدوه من أذى الدنيا. - نهر بارق
وهو نهر على باب الجنة يجلس عندهالشهداء فيأتيهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا. - عين تسنيم
وهى أشرف شراب أهل الجنة وهو من الرحيق المختوم ويشربه المقربون صرفا ويمزج بالمسك لأهل اليمين. - عين سلسبيل
وهى شراب أهل اليمين ويمزج لهم بالزنجبيل. - عين مزاجها الكافور
وهى شراب الأبرار.
وجميعها أشربة لا تسكر ولا تصدع ولا تذهب العقل بل تملأ شاربيها سرورا ونشوة لا يعرفها أهل الدنيا يطوف عليهم بها ولدان مخلدون كأنهم لؤلؤا منثورا بكؤوس من ذهب وقوارير من فضه.
أشجارها
فيها شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، وإن أشجارها دائمة العطاء قريبة دانية مذللة ومنها:
- شجرة طوبى
قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها تشبه شجرة الجوز وهى بالغة العظم في حجمها وتتفتق ثمارها عن ثياب أهل الجنة في كل ثمرة سبعين ثوبا ألوانا ألوان من السندس (الحرير الرقيق ) والإستبرق ( الحرير السميك ) لم ير مثلها أهل الدنيا ينال منها المؤمن ما يشاء وعندها يجتمع أهل الجنة فيتذكرون لهو الدنيا ( اللعب والطرب والفنون) فيبعث الله ريحا من الجنة تحرك تلك الشجرة بكل لهو كان في الدنيا. - سدرة المنتهى
وهى شجرة عظيمة تحت عرش الرحمن ويخرج من أصلها أربعة أنهار ويغشاها نور الله والعديد من الملائكة وهى مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام ومعه أطفال المؤمنين الذين ماتوا وهم صغار يرعاهم كأب لهم جميعا وأوراقها تحمل علم الخلائق وما لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى وفى الجنة أشجار من جميع ألوان الفواكه المعروفة في الدنيا ليس منها إلا الأسماء أما الجوهر فهو ما لا يعلمه إلا الله (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا) ( البقرة-25).
وقد ذكر من ثمار الجنة التين – العنب – الرمان – الطلح (الموز) والبلح (النخيل) و السدر(النبق) وجميع ما خلق الله تبارك وتعالى لأهل الدنيا من ثمار.
خيامها
فيها خيمة مجوفة من اللؤلؤ عرضها ستون ميل ا في كل زاوية فيها أهل ي طوف عليهم المؤمن.
أهل الجنة
أهل الجنة جرد مرد مكحلين, لا يفنى شبابهم ولا تبلى ثيابهم، وأول زمرة يدخلون على صورة القمر ليلة البدر، لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتمخطون ولا يتفلون، أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك، ومباخرهم من البخور.
نساء أهل الجنة
لو أن امرأة من نساء الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأت ما بينهما ريحا، ويرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن، ولنصيفها (خمارها) على رأسها خير من الدنيا وما فيها, قال تعالى (وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ) أي من الحيض والنفاس والبول والغائط والبزاق والمخاط فلا يصدر منهن أذى أبدا وكذلك طهرت أخلاقهن وألفاظهن وقلوبهن, (وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ) قاصرات الطرف اي عفيفات لا ينضرن إلى غير أزواجهن وعين اي حسان الأعين (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا) اي إنا أنشأناهن بعد الكبر والعجز والضعف في الدنيا فصرن في الجنة فصرن في الجنة شبابا أبكارا عربا اي متحببات إلى أزواجهن اترابا اي في عمر واحد لا يزدن ولا ينقصن بل في سن واحده.
أول من يدخل الجنة
نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر الصديق, وأول ثلاثة يدخلون: الشهيد، وعفيف متعفف، وعبد أحسن عبادة الله ونصح مواليه.
نعيم آخر لأهل الجنة
يقال له تمنى فعندما يتمنى يقال له لك الذي تمنيت وعشرة أضعاف الدنيا.
سادة أهل الجنة
سيدا الكهول أبو بكر وعمر, وسيدا الشباب الحسن والحسين؛ وسيدات نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم ابنة عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون.
خدم أهل الجنة
ولدان مخلدون، لا تزيد أعمارهم عن تلك السن، إذا رأيتهم كأنهم لؤلؤ منثور ينتشرون في قضاء حوائج السادة.
رضى الله سبحانه وتعالى
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة ؟ فيقولون : لبيك ربنا وسعديك ، فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك ، فيقول : أنا أعطيكم أفضل من ذلك ، قالوا : يا رب ، وأي شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول : أحل عليكم رضواني ، فلا أسخط عليكم بعده أبدا)
الخلود
يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح ، فينادي مناد : يا أهل الجنة ، فيشرئبون وينظرون ، فيقول : هل تعرفون هذا ؟ فيقولون : نعم ، هذا الموت ، وكلهم قد رآه . ثم ينادي : يا أهل النار ، فيشرئبون وينظرون ، فيقول : هل تعرفون هذا ؟ فيقولون : نعم ، هذا الموت ، وكلهم قد رآه ، فيذبح . ثم يقول : يا أهل الجنة خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت . ثم قرأ : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ)
النظر إلى وجه الله سبحانه وتعالى
من أعظم النعيم لأهل الجنة رؤية الرب عز وجل (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ).
نونية ابن القيم في وصف الجنة
اخيراً يمكنك الاستماع لنونية ابن القيم في وصف الجنة بصوت الشيخ عبد الواحد المغربي.
649 زيارة