خبير تغذية: السِّمنة وباءٌ على الشَّباب والفتيات

يعد مرض السِّمنة مِن الأمراض الحديثة التي ظهَرَتْ في المجتمعات الإنسانيَّة المختلفة، بسبب العديد مِن العادات الصِّحِّيَّة والظَّواهر الاجتماعيَّة المُستحدثة، وعرفت بأمراض العصر، والتي يندرج تحتها الكثير مِن الأمراض الأخرى، وعلى خطورتها وخطورة تأثيراتها وانتشارها؛ أصبحتْ مُشكلة السِّمنة محطُّ أنظار الكثير مِن الباحثين حول العالم، مع ثبوت خطورة انعكاساتها الصِّحِّيَّة، على الفرد والأسرة، بحسب رأي خبير التَّغذية الدُّكتور هاني أبو النَّجا في ندوةٍ عقدت بالقاهرة مؤخرا.

وقال أبو النَّجا، الحاصل على درجة الدُّكتوراه في علوم التَّغذية من جامعة ميامي الأمريكية: “إنَّ السِّمنة مشكلةٌ أُسريَّةٌ بالأساس، ولا تقلُّ ضررًا عن غيرها مِن المُشكلات التي لا تحمل الصبغةَ الصِّحِّيَّة، بل وقد يزيد ضرُرها على المدى البعيد، فتفوق غيرها من المشكلات الأخرى، وليس هناك فرد من الأسرة بمنأًى عن الوقوع ضحيَّةٍ لها”.
وأضاف أبو النَّجا أنَّ مشكلة السِّمنة مشكلةٌ عالميَّةٌ؛ حيث يوجد على الصعيد العالميِّ، أكثر مِن مليار شخصٍ ُيعانون مِن الزِّيادة في الوزن، منهم 300 مليونٍ يعانون مِن السِّمنة المفرِطَة، وأشار إلى أنَّ زيادة الوزن تُشكِّل مصدرًا كبيرًا للأمراض المُزمِنة، بما في ذلك مرض السُّكري من المستوى الثَّاني بالإضافة إلى ارتفاع ضغط الدَّم وبعض أمراض القلب والأوعية الدَّمويَّ، مع تعريض البُّدَناء إلى مخاطر الإصابة بالسَّكتة الدِّماغيَّة وبعض أشكال الأورام السَّرطانيَّة.
حالةٌ اجتماعيَّةٌ
وأكد خبير التَّغذية في محاضرته على أنَّ السِّمنة حالةٌ مُعقَّدَةٌ ذات أبعادٍ اجتماعيَّة ونفسيَّةٍ خطيرةٍ تؤثر على جميع الأعمار والفئات الاجتماعيَّة مِن مُختلف الشَّرائح الاقتصاديَّة تقريبًا، موضحًا أنَّ الأسباب الرَّئيسيَّة لها ترجع إلى زيادة استهلاك الطَّعام من النَّوعيَّات ذات الطَّاقة المرتفعة والدُّهون المشبعة والسُّكَّريَّات، في مُقابل انخفاض النَّشاط البدنيِّ، لافتًا إلى أنَّ وجود أسبابٍ نفسيَّةٍ للسِّمنة؛ حيث تؤدِّي بعض الأمراض النَّفسيَّة، ومن بينها الاكتئاب، يؤدِّي إلى الإفراط في تناول الطَّعام.
وأضاف أبو النجا أنَّ بعض أنماط الحياة تُسبِّب السِّمنة، وأضح بالقول: “مثلاً يخرج الفرد إلى عمله دون إفطار، ويظلُّ يتناول القهوة إلى أنْ يعودَ إلى منزله في الخامسة أو السَّادسة مساءً، فيتناول الطَّعام بإفراطٍ، اعتقادًا منه بأنَّه بذلك يقوم تعويض ما فاته مِن طعامٍ طوال اليوم، إضافة إلى عادة تناول الطَّعام أمام شاشة التلفزيون؛ حيث يزداد الإحساس بالجوع عند مشاهدة الطَّعام، حتى ولو لم يكُن الإنسان في حاجةٍ فعليَّةٍ إليه”.
وأشار إلى وجود بعض العادات السَّيِّئة خلال الطعام التي تُؤدِّي إلى زيادة إفراط الإنسان في تناول الطَّعام، مثل شُرب الماء أثناء تناول الطعام؛ حيث إنَّ ذلك يُساعد على خروج الطَّعام مِن المَعِدَة بصورةٍ أسرع، وبذلك لا يشعر الإنسان بالشَّبع وهو يأكل، فيتناول المزيد مِن الطَّعام.
مخاطرَ عديدةٌ
وعن أضرار مرض السِّمنة يقول أبو النجا إنَّ البدانة وتتسبب في حدوث أرقٍ أثناء النَّوم؛ حيث المعدة الممتلئة بالطعام يُصاحبها ضيقٌ في التَّنفُّس أثناء النَّوم، بالإضافة إلى الآلام بالمفاصل والركبة، كما تعتبر السِّمنة أحد أسباب انتشار مرض السُّكري؛ حيث ثمانية من كلِّ عشرة أفرادٍ مُصابين بهذا المرض مِن البُدَناء.
وعن الوسائل الضَّروريَّة لمواجهة وباء السِّمنة؛ قال أبو النَّجا إنَّ هناك عدَّة خطواتٍ لذلك، منها تحديد وقتٍ للنَّوم والاستيقاظ، والإفطار بعد ساعةٍ مِن الاستيقاظ؛ حيث يتناول الإنسان وجبةً خفيفةً تُعطيه النَّشاط حتى موعد تناول وجبة الغداء، وبعد الغداء بأربع ساعات يتناول وجبة العشاء، وبعدها لا يتاول أيَّة وجباتٍ على الإطلاق.
وحدد خبير التَّغذية نظامًا لمواعيد تناول الطَّعام، وقال إنَّه إذا تناول الفرد وجبة الإفطار في تمام السَّاعة العاشرة صباحًا؛ فإنه مِن المفروض أنْ يتناول وجبة الغداء في السَّاعة الثَّانية ظهرًا، ثُم وجبة العَشاء في السَّابعة مساءً، وينام في السَّاعة الثَّانية عشر ليلاً.
وأخيرًا أشار إلى أهمِّيَّة دور الرِّياضة في الحفاظ على الجسم من داء السِّمنة، وقال إنَّ هناك ضرورةٌ لأنْ يمارس الإنسان الرِّياضة لمُدَّة ساعةٍ يوميًّا ثلاث مرَّاتٍ في الأسبوع على الأقل.

Leave a Reply